الثلاثاء ٢٩-٨-٢٠٢٣
بعد إعلان منظمة بريكس عن الدول التي دعتها للإنضمام لها والتي كانت قد تقدمت بطلبات للإنضمام ، بدأ كل نوع من الإعلام يتعامل بميوله في سرد هذا الخبر والتعليق عليه.
كانت أمريكا وإعلامها المؤسسي من أول من هاجموا منظمة بريكس منذ الإعلان عن إنعقاد أجتماعها السنوي في جوهانسبيرج في جنوب إفريقيا في أغسطس الحالي. وقابل الإعلام الغربي هذا الإعلان بالتقليل من شأن بريكس ولكن بدأت الماكينة السياسية في محاولة هدم الإجتماع وإفشاله ومحاولة الضعط على الدول التي كانت تتوافد على المنظمة طالبة الإنضمام. والسبب واضح ومعروف. فهدف منظمة بريكس منذ إنشائها هو كسر هيمنة الدولار الأمريكي في التجارة العالمية وبالتالي كسر النفوذ الأمريكي كالقطب الأوحد المسيطر على كل بلاد العالم. وكسر هذا النفوذ يكون عبر تهميش إستخدام الدولار في التجارة العالمية وبالتالي لا يكون لدي أمريكا القوة على فرض عقوبات إقتصادية على من لا يستخدم عملتها من الأصل.
ووضح ذلك جلياً عندما فرضت أمريكا والغرب العقوبات الإقتصادية الغير مسبوقة في التاريخ على روسيا بعد حرب أوكرانيا التي إستفزوا روسيا للدخول إليها. وعندما فرضوا عقوبات عليها وأنها محرومة من التجارة بالدولار أو اليورو وممنوعة من إستخدام منظومة “سويفت” البنكية الغربية في تبادل الأموال عالمياً ، فوجئ العالم بوجود منظومة موازية لسويفت لدي الدول الشرقية ومجموعة بريكس وآنها تعمل عبر بنك التنمية الجديد الصيني وأنه يمكن لأي إقتصاد أن يبقى ، بل وينتعش ، بدون التعامل بالدولار واليورو وبدون التجارة مع الغرب. والمفاجأة المدوية كانت أن من تأثر إقتصاده من هذه المقاطعة كان الغرب، لأنه يفتقر للمواد الأولية المستخدمة في التصنيع ولمنابع الطاقة الحيوية للتصنيع وبالتالي فقد هيمنته وتأثيرة وضعف ، ولأن غالبية دول العالم كانت تتعامل بالدولار ، تأثرت إقتصادات كل هذه الدول أيضاً مثلما تأثرت الإقتصادات الغربية.
ولذا عندما أشارت منظمة بريكس إلى أنها سوف تفتح الباب للعضوية الكاملة لمن يريد الإنضمام، إنهالت عليها الطلبات من كل دول العالم التي قاست من العقوبات الأمريكية وتحكم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في إقتصاداتهم وفي مصائر شعوبهم. ولكن منظمة بريكس إنتقت من تدعو للإنضمام في أول دفعة لذلك وكانت مواصفات هذه الدول تشمل إما قوتها وثرائها في المواد الأولية كما في حال دول البترول ، أو أن لديها قوة إقتصادية كامنة وقدرة واعدة للتقدم التصنيعي ، وحضارة عريقة ، كما في باقي الدول. وهنا نرى إرجاء إختيار الجزائر لفترة لاحقة لأنها ليس لديها البنية التحتية التي لمصر وإثيوبيا التي هي أساس أي قوة إنتاجية تصنيعية.
وفي لحظة أيقنت أمريكا أن هناك خطراً داهماً يهدد هيمنتها على العالم ويهدد مركز الدولار العالمي. فبدأت بعض التحركات عبر الصين في محاولة لإثارة مشاكل بينها وبين روسيا ، وحاولت إستقطاب الهند لإبعادها عن بريكس وعن تجارتها الرائجة مع روسيا خصوصاً في البترول ، ولكن بما أن أمريكا ينقصها السياسيين المحنكين أمثال سيرچي لافروف في روسيا وسامح شكري في مصر ، فكل ما يعرفه شخص مثل أنطوني بلينكن هو التهديد والوعيد ولا يعرف شئ في المعنى الحقيقي للدبلوماسية. ولذا أخفقت أمريكا إخفاق ذريع في محاولة إفساد إجتماع البريكس أو في تهديد الدول التي كانت قد طلبت الإنضمام ، لكي تسحب طلبها.
بعد الإعلان عن أسماء الدول الست الأولى التي قُبِلَت لتصبح أعضاء كاملين في المنظومة منذ أول يناير ٢٠٢٤ ، بدأ الإعلام المغرض التشكيك والصراخ المفضوح في محاولة التقليل من أهمية منظمة بريكس وقوتها وثقلها الدولي. وأيضاً التقليل من أهمية الدول التي قبلت . وأحد هذه البرامج كان حلقة من برنامج “سامري” على يوتيوب والمعروف مقدمها بميوله الأمريكية الصريحة ، حتى على حساب مصر في بعض الأحيان. كنت قبل ذلك قد تكلمت عن هذا البرنامج وحذرت منه ولكني لم اتشكك في وطنيته. ولكن بعد تقديمة لحلقاتان خلال الأسبوع الماضي تأكدت أن كل هدف هذا البرنامج التملق لأمريكا كي تزيد قناة يوتيوب من متابعيه وذلك للتربح المادي ، دون أي إعتبار للمادة التي يبثها وكيفية تأثيرها السلبي على المصريين المتابعين له وكيفية ترويج لوجهة النظر الأمريكية التي هي معادية لمصر. في أي عرف ، فهذا تصرف مجرد تماماً من الوطنية ، ومهما أنهم برنامجه بدعوات لمصر والوطن العربي ، فيكفي ترويجه لمعلومات تخدم المصلحة الأمريكية وتسئ لمصر وللدول العربية ، لنتوخى الحذر منه ومن معلوماته.
الحلقة الأولى في الإسبوع الماضي التي أوضحت لي مدى إرتماء هذه القناة في أحضان أمريكا كانت بعنوان “إختراق الحصار الروسي” وكان المقدم في غاية السعادة من مداخلة قام بها المتحدث الرسمي للسفارة الأمريكية في مصر كما سنرى في الرابط التالي:
(١)
https://youtu.be/T7wZ9IGF1M0?si=8Qs6CdppgBg1CKv-
أما البرنامج الثاني فهو الذي سرد فيه تفاصيل غريبة الشكل بالنسبة لبريكس وذلك بعد الإعلان عن أسماء البلاد التي قُبِلَت للإنضمام لهذه المنظمة ، وهي بأسم “إنقلاب بريكس”.
في هذه الحلقة يحاول جاهداً التقليل من مكانة هذه المنظمة ويقول أنها مجرد منظومة “تجريبية” ولم تفعل شئ حتى الآن وأنها لا تقارن بقوة الغرب الإقتصادية. ستستمع حضرتك للحلقة بنفسك وتسمع كل محاولاته التقليل من شأن البريكس ومن شأن كل البلاد التي إنضمت لها وحتى محاولة إيهام أن السعودية قد تغير رأيها ولا تنضم حتى بعد أن تقدمت بطلب الإنضمام وقُبِلَت ، وأنها قد تغير رأيها ولا تنضم لو فاز جمهوري في إنتخابات أمريكا. هل نسي مقدم البرنامج أن البلاد ستدخل بريكس في أول يناير ٢٠٢٤ وأن الإنتخابات الأمريكية في نوفمبر من نفس السنة ، أي بعد ١١ شهر؟حتى في محاولة الإيقاع لم يوفق في ترتيب الأحداث. بل إستخدم الإجتزاء في تصريح وزير الخارجية السعودي لإعطاء هذا الإنطباع ، وهذا أسلوب أمريكي إعلامي معروف.
ولكن تشكيكه في أي فائدة قد تعود على مصر من إنضمامها للبريكس هو الذي أثار الدهشة. وبعد إدراك أنه تابع أمين لأمريكا فلا غرابة أن يقوم بهذا العمل الذي قد يحبط أي مصريين متابعين له ومصدقين لكلامه. ولذا وجب التنبيه.
(٢)
https://youtu.be/c31oz-_1pck?si=k3YuYMgzz9QVoa2V
كنت أتابع برنامج “ذا دوران” وكان الضيف هو چيفرى ساكس أحد الأقتصاديين المخضرمين في أمريكا ووصف كل من مصر وإثيوبيا بالحضارات العريقة وأن إثيوبيا سيكون مستقبلها جيد لأنها لديها القدرة على الزراعة التي تجعلها مصدرة للمواد الغذائية وقال أن مصر لديها بنية أساسية قوية في التصنيع وأن نمو إقتصادها واعد وأن لديها شعب غالبيته من الشباب وأيضاً هي بلد محورية ولديها قناة السويس. ولذا فقيادة البريكس فضلتها على دول كثيرة أخرى في الدخول للبريكس لأنها تأتي لها بالكثير ولأنها ستستفيد الكثير بعد الخروج إلى حدٍ كبير من منظومة الدولار.
(٣)
https://www.youtube.com/live/zJboBdQeJzg?si=pEn6ODcb18X4W0as
عندما يتكلم الأجانب عن مصر بهذه الطريقة ثم نجد من هو من المفروض أنه مصري يتكلم بطريقة أخرى تماماً عن مصر ، لابد من وقفة نظام وتوعية بمن مؤتمن على البلد ومن يندفع وراء الربح المادي الشخصي على حساب مصلحة الوطن.
كان هذا البرنامج (Summary) يحاول الدفاع عن تقديمة وجهة النظر الغربية بأنه مجرد ينقل أخباراً. ولكن الحلقتان اللتان أشرت إليهما سابقاً يظهران تحيز واضح للنظرة الأمريكية وإنتقاء للأخبار التي هي معادية لمصر. وهنا ندخل في حيز الوطنية ولابد من وقفة جادة ومراجعة وإعادة تقييم هذا البرنامج.
على كل من يتابع هذا البرنامج توخي أكبر حرص من المعلومات التي يبثها له لأنها مغرضة ومضللة وتنحاز لوجهة نظر معادية لمصر.
والغريب في الموضوع أن هناك برامج أمريكية تقدم المعلومات الصحيحة عن البريكس والدول المنضمة لها مؤخراً بطريقة محايدة وإيجابية.
(٤)
https://youtu.be/yWpwyMlM7Rc?si=u5g6pGjT3cas5TaQ
فلماذا إختيار الإعلام المؤسسي فقط لإظهار وجهة نظره؟ هذا الإنحياز يثير الكثير من الشكوك. ربنا يهدي.
حفظ الله مصرنا الحبيبة من أعداء الداخل قبل أعداء الخارج
مقال الغد عما أنجزه إجتماع بريكس وما المنتظر من المنظمة مستقبلياً

روابط المقال
(١)
https://youtu.be/T7wZ9IGF1M0?si=8Qs6CdppgBg1CKv-
(٢)
https://youtu.be/c31oz-_1pck?si=k3YuYMgzz9QVoa2V
(٣)
https://www.youtube.com/live/zJboBdQeJzg?si=pEn6ODcb18X4W0as
(٤)
https://youtu.be/yWpwyMlM7Rc?si=u5g6pGjT3cas5TaQ

لإخطار شخصي برابط المقال إتبع حسابي
على صفحتي على فيسبوك
https://www.facebook.com/aidaawadlovesegypt/
وعلي تويتر
‏https://twitter.com.AidaNAwad
وعلي الموقع الإلكتروني
‏aidaawad.wordpress.com
وعلى telegram
‏https://t.me/joinchat/AAAAAEq9CJKOKB5-q3jBJw
وعلى MeWe
http://MeWe.com/join/aidaawad
وعلى إنستاجرام
https://www.instagram.com/p/CncUqAQrsuJ/?igshid=Zjc2ZTc4Nzk=
وجروب صوت مصر••••(اصدقاء الكاتبة عايدة عوض)
https://www.facebook.com/groups/180398856924599